في تواصل العقول تناسق الأشياء


و في اختلافها تعارفها
psychology, psychotherapy, therapy room, conversation, room, space, interior design, inner space, setup, chair, psychology, psychology, psychotherapy, psychotherapy, psychotherapy, psychotherapy, psychotherapy
black hole, cosmos, universe, outer space, galaxy, annihilation, imagination, black hole, black hole, black hole, black hole, black hole
A vintage open book displaying aged, yellowed pages with faded text.
Beautiful image of Whirlpool Galaxy (M51) showcasing its spiral structure and celestial beauty.

الفيزياء الكونية المعاصرة
و السؤال الميتا-كوني

الفيزياء الكونية المعاصرة و السؤال الميتاكوني

(الجزء الأول)​

مقدمة

قد تكون الفلسفة المعاصرة، بداية من شوبنهاور و تأسيسا من نيتشه، قد وأدت الميتافيزيقا ونقلت السؤال الفلسفي من سؤال يبحث في «القبل» و في «ما فوق» إلى سؤال حفري و جينيالوجي يبحث في الأصل التاريخي لمختلف الأسئلة و الأجوبة الميتافيزيقية. في أصل مقبور يحرك الأشياء من «تحت» لا من «عل». غير أن الفيزياء المعاصرة، تعيدنا مرة أخرى للسؤال الميتافيزيقي و للتفكير في مشكلة الأصل الدال على الما قبل» بدلالته الزمانية و «الما فوق» بدلالته المكانية. و كلاهما يتزامنان، المكان و الزمان، و لا ينفصلان. (نظرية النسبية لإنشتاين).

أصل الشيء أو بدايته دال على صفريته، على عدمه الوجودي مثلما هو دال على خروجه من هذه الصفرية وابتعاده منها. اي أن التفكير في الأصل أو البداية هو التفكير في ما قبل الشيء الذي يكون فيه معدوما و في ما بعده الذي يكون فيه موجودا عندما نفترض بأنه حادث تقدمه عدم، أو نفترض بأنه قديم  لم يتقدمه عدم. و نفكر – تبعا لهذه الفرضية- في وجود ينتفي بذاته- بعبارة هنري برغسون (تأملات ديكارت)، فهل بإمكاننا التفكير في العدم-فيما ينتفي بذاته؟

منطقيا، يقبل العدم الوجود بالنظر إلى مقابله، اي الوجود. وهنا نفرق بين العدم الخاص و العدم العام. العدم الخاص متعلق بالشيء الذي يقبل العدم؛ و العدم العام أو العدم الميتاكوني الذي يستحيل من جهة القوة و من جهة الفعل. هناك وجود أول يستحيل فيه العدم. و الدليل الأنطلوجي -نستلهمه من استدلال لايبنز:

  • «لماذا هناك وجود عوض لاوجود؟»
  • هو الوجود نفسه الذي به يمتنع العدم
  • إذن، عبارة «وجود عدم» عبارة متناقضة منطقيا وأنطولوجيا.

في مفهوم الأصل (في الفلسفة)

  • إما أنه المصدر الدينامي لكل ما هو موجود أو العلة الخالقة المتعالية و المختلفة  في الماهية عن الموجود – لايقبل المعرفة في ذاته؛
  • او هو الأساس المنطقي الأول لكل ما هو موجود. فهو كيان محايث يقبل التجسيد و التحول إلى موجودات مختلفة عنه -يقبل المعرفة.

كيف تفسر الفيزياء المعاصرة أصل الكون؟

النموذج الموحد للفيزياء Le model standard

يفسر النموذج الموحد حركة جزيئات المادة و تأثير القوى و الجزيئات الحاملة .Particules porteuses.  فقد مكنت النظريات و الاكتشافات ملايين الفيزيائيين في القرن العشرين من فهم ووصف  البنيات الأساسية للمادة. يتكون الكون من اثنا عشر لبنة أساسيةتحكمها أربع قوى رئيسية. يساعدنا النموذج الموحد لفيزياء الجزيئات على الفهم الأمثل للكيفية التي تترابط بهاذه اللبنات الاثنا عشر و ثلاث قوى من القوى الأربع فيما بينها (باستثناء الجاذبية). صيغ في بداية السبعينات من القرن العشرين، ومكن من تفسير نتائج تجارب عديدة و من التنبؤ بدقة بمجموعة من الظواهر المتنوعة. مع الوقت، فرض النموذج الموحد نفسه كنظرية قائمة على أسس تجريبية صلبة.

كل ما يحيط بنا مكون من جزيئات منقسمة إلى مجموعتين: الكواركز و الليبتونات. (Quarks, Leptons).

تتضمن كل مجموعة ست جزيئات تجتمع ك «أزواج» أو «أجيال». تنتمي الجزيئات المتناهية الخفة و الاستقرار إلى الجيل الأول، بينما تنتمي الجزيئات الثقيلة و غير المستقرة إلى الجيلين الثاني و الثالث. تتكون المادة المستقرة في الكون من جزيئات الجيل الأول، لأن الجزيئات الأخرى تتفكك بسرعة و تتحول إلى جزيئات مستقرة.

تتحكم في الكون أربع قوى أساسية: القوة القوية و القوة الضعيفة و القوة الإلكتروميغناطيسية و قوة الجاذبية. حيز تأثيرها و شدتها  مختلفتان. الجاذبية أضعفها من حيث القوة ولكن حيز تأثيرها لا متناهي مثل القوة الإلكتروميغناطيسية ، من حيث حيز التاثير،  التي تفوقها من حيث الشدة والقوة.  بالنسبة للقوتين القوية والضعيفة فحيز تاثيرهما ضيق في مستوى الجزيئات التحت ذرية. القوة الضعيفة اقل قوة من القوية و الإلكتروميغناطيسية، مع أنها تبقى أقوى مقارنة بالجاذبية. وكما يدل عليه اسمها، فالقوة القوية هي الأشد من بين هذه القوى الأربع.

نعلم بأن ثلاث قوى تنتج من تبادل الجزيئات الحاملة للقوة التي تنتمي إلى عائلة كبيرة تسمى «البوزونات». تنقل جزيئات المادة كميات متقطعة من الطاقة من خلال تبادل البوزونات. جميع القوى الأساسية لها بوزونوها الخاص: «Gluon» بوزون القوة القوية، ال «فوتون» هو بوزون القوة الإلكتروميغناطيسية، و البوزونان W و   Z هما المسؤولان عن  القوة الضعيفة. و ربما يكون «graviton» هو بوزون الجاذبية رغم أنه لم يلاحظ تجريبيا بعد.

يتضمن النموذج الفيزيائي الموحد القوة الإلكتروميغناطيسية و القوية و الضعيفة و جزيئاتها الحاملة و يفسر بشكل كاف كيفية تأثير هذه القوى على جميع جزيئات المادة. بيد أن الجاذبية، القوة المالوفة بيننا، غير متضمنة في هذا النموذج. فقد تبين بأن وضعها فيه أمر صعب. ذلك أن النظرية الكوانطية، المعتمدة في وصف العالم الميكروسكوبي و نظرية النسبية العامة تتنافران. إلى الآن، لم يقدر احد على الموافقة بينهما رياضيا في إطار النموذج الموحد. لكن، و لحسن الحظ، فتأثير الجاذبية في المستوى الصغير للجزئيات  مهمل. فقط في وجود مستوى مهم من المادة المتكدسة يهيمن تأثيرها – كما في حالنا  أو حال الكواكب. وهذا ما يجعل النموذج الموحد يعمل رغم حذف واحدة من القوى الأساسية.

جيد، و لكن….

الوصف غير مكتمل بعد. فرغم أنه يعتبر، حتى الآن،  الوصف الأفضل الذي لدينا عن العالم التحت ذري، فإن النموذج الموحد لا يفسر كل شيء. فهو لا يدمج سوى ثلاثة قوى مؤثرة في الطبيعة بإخراج الجاذبية. تبقى أسئلة عديدة مفتوحة: ماهي المادة السوداء؟ ما ذا وقع للمادة-النقيض بعد البيغ بانغ؟ لماذا توجد ثلاثة أجيال من الكواركز و الليبتونات، بسلم كتل واسع النطاق؟ و لكن، ماذا عن جزيئة تدعى «بوزون هيجز»  بالغة الأهمية في النموذج الموحد؟

في 4 يوليوز 2012، أعلنت تجارب  أطلس و CMS، التي أجريت في مصادم الهادرونات  (جسيمات تحت ذرية) الكبير (مقره بالمركز الأوربي للبحوث النووية)، توصلها إلى ملاحظة جزيئة جديدة كتلتها في نطاق  (126 GeV). و هي جزئية تمثل نفس المواصفات  التي تتناسب مع بوزون هيجز.  بوزون هيجز هو التمظهر البسيط لميكانيزم  BroutEnglertHiggs. أنواع أخرى لبوزون هيجز تتوقعها نماذج تتجاوز النموذج الموحد.

مشكلة بوزون هيجز

لم تكن للجزئيات، في بداية تشكل الكون كتلة لأنها كانت تجري بسرعة الضوء. لكن تكون النجوم و الكواكب تستحيل بدون أن تكتسب الجزيئات الكتلة. و الفضل في ذلك يعود لحقل هيجز. حيت افترض هيغز وجود مجال ذري يمنح الكتل للمكونات النووية. وهو المجال الذي قيل بأنه اكتشف سنة 2012 بعد “معرفة” جزيئة هيغز التي تمنح الكتلة للإلكترونات والبروتونات والنترونات. وهو ما عزز الملاحظات التجريبية ضد المعادلات الرياضية:

كيف تكتسب الجزيئات الكتلة؟

في الوصف الراهن للكون، ينظر إلى جميع الجزيئات على أنها موجات داخل حقل. فالضوء مثلا، يوصف كموجة داخل حقل إلكتروميغناطيسي و كفوتونات متدفقة. تكتسب الجزيئات الكتلة بمجرد تفاعلها مع حقل هيجز. و كلما كان التفاعل قويا، كلما كانت الجزيئات ثقيلة والجزيئات المهملة الكتلة لا تتفاعل مع حقل هيجز. تسمى الظاهر التي خلالها تكتسب الجزيئات الكتلة بميكانيزم بروت – انجلز – هيجز(Robert Brout, François Englert et Peter Higgs) .

تبقى أسئلة كثيرة بمعرفة طبيعة بوزون هيجز: هل هو حقل متفرد أم شامل؟ هل يفسر لماذا غلبت المادة المادة-النقيضة؟ كيف يكتسب كتلته؟ هل بالتفاعل  مع نفسه؟ ما سبب ضعف كتلته الكبير؟ هل يمكن أن تنكشف المادة السوداء بالتفاعل معه؟

ما هو تأثير بوزون هيجز على الحياة؟

قد يتهيأ لنا أن تاثيره منعدم بالنظر إلى كونه جزيئة قصيرة العمر و لا تدخل في تكوين جزيئات المادة التي منها تكون الإنسان والطبيعة و لأنها تقبل الملاحظة فقط في شروط قصوى يتم اختلاقها في مسرعات الجزيئات. و مع ذلك، فبدونه يكون فهمنا للعالم ناقصا، كما أن  له تأثيره الإيجابي على الحياة في الكون. كيف ذلك؟

بوزون هيجز، من المفاتيح التي تساعد على معرفة الكون وتطوره و مصدر الكتلة عند الإنسان.  علاوة على أن تكنلوجيا تسريع الذرات و التنقيب عن الجزيئات في الحدود القصوى ساهمت في تقدم كبير في المجالات الطبية والفضائية وغيرها.

طبيعة العلم

جبل الإنسان على حب الاستطلاع. هذا الحب هو سر تقدم العلوم.وغاية علوم الفيزياء هي أن تجيب عن اسئلة: مم يتكون الكون؟ كيف يتطور؟ ما هو مآله؟ أسئلة يجيب عنها بوزون هيجز – عمود النموذج الموحد- جزئيا -خاصة سؤال: من اين تكتسب المادة من حولنا كتلتها؟

فمنذ أن اكتشف ج تومسون الإلكترون (أول جزيئة عرفت تجريبيا) سنة 1897، يصعب علينا أن نتصور وجود  عالم بدون إلكترونات، حيث يوظف الالكترونيك في مختلف المجالات الصناعية و التواصلية و الترفيهية و النقل و الطب و غيره.

طبيعة العلم هذه، تفتح الأبواب دائما لاكتشافات و تطبيقات تغير العالم باستمرار. و قد دفع البحث عن بوزون هيجز، بواسطة مصادم الجزيئات الكبير بحدود التكنلوجيا كثيرا. احتيج لطاقة كبيرة لتسريع الجزيئات حتى تقارب سرعتها سرعة الضوء، كما احتيج لدقة كبيرة في الكشف عن تصادمات هذه الحزمات الجزئية، علاوة على تكنلوجيا معلوماتية فائقة لتصوير وتسجيل ملايين التصادمات التي تحدث كل ثانية.

فإنشاء world Wide Web في المركز الأوربي للبحث النووي تولد لحاجة علما فيزياء الجزيئات لتبادل المعطيات بين المعاهد؛

و بالمثل، ساهم مهندسون في نفس المركز، في السبعينيات، في تطوير تكنلوجيا شاشات اللمس خلال محاولتهم بناء واجهة بسيطة تعتمد مع مسرعات الجزيئات، و من حينها غدت شاشات اللمس عنصرا أساسيا في حياة الإنسان المعاصر,

قيمة الفيزياء الجزئية

في المجال الطبي

  • تعتمد تكنلوجيا المسرعات في علاج السرطانات: العلاج بالهادرونات، العلاج  الإشعاعي بواسطة الإلكترونات (أHadronthérapie, Radithérapie par électrons
  • تستعمل كواشف الجزيئات في التشخيص الطبي بالأشعة السينية و المواسح الثلاثية الأبعاد المستمدة من تكنلوجيا تم تطويرها في المركز الأوربي للبحث النووي؛
  • مكنت هذه المسرعات ، ايضا، من تطوير تقنية التصوير البوزيتوني الأساسية في تصوير وتشخيص أمراض الدماغ و القلب.

في تكنلوجيا الفضاء

تشبه البيئة في الفضاء الخارجي البيئة التحت أرضية لفيزياء الجزيئات. لذلك، يمكن الاعتماد على التكنلوجيا المستعملة في مراقبة الأشعة في الفضاء لحماية التجهيزات و تأمين سلامة رجال الفضاء، و لحماية الكوكب ومراقبة التلوث الجوي مثلا؛

في تاريخ الكون (في الفيزياء المعاصرة – نظرية الانفجار الكوني)

«نحن في حاجة إلى نظرية تطور نارية. فقد شهد الكون تطورا بطيئا خلال ملياري سنة الأخيرة. إنها رماد و دخان نار شهاب اصطناعي لامع و جد سريع. أظن بأن حل المشكلة قدمه اكتشاف الإشعاع الكوني. سأرسم تطور الكون كما يلي: في البداية، كانت مادة الكون الكاملة مجتمعة على شكل ذرة فريدة؛ و كان شعاع الكون صغيرا نسبيا. لقد نجم الكون كله من تفكك هذه الذرة الاولى»

جورج لوميتر – مناقشة منظمة في الاحتفال بمئوية «الجمعية البريطانية للتقدم العلمي»، 1931)

بهذه الفرضية بدأ مشوار نظرية الانفجار الكوني الذي بسببه نشأ الكون: المكان، الزمان، الطاقة، المادة و الحياة. فرضية ستتعزز بفكرة توسع الكون للعالم الروسي Friedman و اكتشاف هابل تباعد المجرات بسرعة  متناسبة مع المسافة الفاصلة بينها. إذ كلما كانت  المجرات بعيدة، كلما كان هروبها كبيرا، ثم فكرة جورج كاموف George Gamow بأن الكون له ماضي بكثافة فائقة وحرارة شديدة، كون بإبعاد قياسها قريب من الصفر.

سيناريو الانفجار الكبير

  • مرحلة بلانك: مرحلة هيمنة القوة الخارقة و الحبال العملاقة وتمازج الزمان و المكان و الضوء و الطاقة – تعجز الفيزياء المعاصرة على تفسيرها؛
  • ظهور التركيبة الرباعية للقوى: القوة القوية و الضعيفة و القوة الإلكتروميغناطيسية و الجاذبية؛
  • 1043  ث   اتحول القوة الكبرى إلى وحدة جديدة:  القوة الإلكترونووية بعد انفصال الجاذبية وانتشار موجاتها و ارتفاع صوت طارق في السماء؛
  • 10 35 ث، عهد التضخم،  بانفصال القوة القوية سيتمدد الفلك الكوني تمددا هائلا بسرعة تفوق سرعة الضوء؛
  • 1011 ث ، انفصال القوة الضعيفة عن القوة الإلكتروميغناطيسية.

يوضح النموذج القياسي للفيزياء تأثير القوى الأربع في الطبيعة. تاثير يختلف بحسب الشدة و حيز التأثير.  فالجاذبية أضعف القوى من حيث الشدة و أكبرها من حيث حيز التأثير، و القوة الإلكتروميغناطيسية، الثانية من حيث الشدة(أضعف ب مئة مرة من القوة القوية، و أشد من القوة الضعيفة  و الجاذبية بمعامل بين 1110 و 3610 . (يمارس الحقل الإلكتروميغناطيسي تأثير Lorentz على الجزيئات المشحونة إلكترونيا.):

قوة لورنتز(F=q(E+v×B)) و التي تلعب دورا رئيسيا في حركة الجزيئات المشحونة في الطبيعة؛

  • في 100/1000  ث، ستتكون البروتونات و النترونات – المكونات النووية للذرة و المادة عموما.  (برتق الكواركز و احتباسها )؛
  • في حدود الثانية الأولى: تغلب المادة نقيضها بفضل زائد في القوة قليل و فناء الجزيئات ونقيضها في طاقة خالصة.
  • في نهاية الدقائق الثلاثة الأولى: ظهور النويات الأولى – نويات العناصر الخفيفة: الهيدروجين – نويات البروتونات. والتي سترتق بالتدريج لتكون الهيدروجين الثقيل (الديتوريوم) و الهيليوم. درجة الحرارة تبلغ حينها مليار درجة . و الكون المرئي يتشكل من   73%  من الهيدروجين و 25%  من الهيليوم.
  • عهد الكون الشفاف بعد 400000 سنة : ستنخفض حرارة الكون وتلتحم الإلكترونات ذات الشحنة السلبية بالنيات و تتكون الذرات ذات الشحنة المحايدة. غدت المادة شفافة و انتشر الضوء بكامل الحرية مع انبعاث وميض هائل بعد أن تدنت حرارة الكون إلى 3000 درجة(يصل إلى الأرض في حدود 3 دجات حرارة). هذا الوميض هو الإشعاع الكوني الذي يه ستتكون المجرات، المادة و الطاقة السوداء.        

ملاحظة ما يفوق 95% من محتوى الكون مجهول للعلماء. إذ أن المادة المكونة من ذرات تشكل 5% فقط من الكل، 25% من الكون تشكلها مادة مظلمة مجهولة. سرعة توسع الكون في ازدياد و السبب هو وجود طاقة سوداء بنسبة 70% من الكون المتبقي. هذه الطاقة غير المرئية مسؤولة عن تكون البنيات الكبيرة في الكون.

تكون المجرات

حتى هنا، يظهر المزيج الكوني و كأنه نعيم الملمس. و مع ذلك، فهو يحتوى على كتل صغيرة ناجمة عن موجات الجاذبية و الذبذبات الكوانطية الأولى.  وحول هذه النويات تتكتل المادة السوداء، المجرات و نجومها. يعقب ذلك دخول تكتل المجرات الصغيرة Amas و الهائلة  Superamas إلى مشهد الكون. سيكتمل تكون النجوم تقريبا في حدود ملياري سنة عقب الانفجار الكبير. (تلد مجرة درب التبانة نجما كل سنة)

نشأة النجوم؛ حياتها وموتها

تعرف النجوم دورة ولادة و حياة وموت. إذ تتكاثف سحب غاز كثيفة باردة بسبب الجاذبية و تتكون النجوم التي ينجم ضوؤها من النار الناشئة من التفاعل النووي-الحراري الذي يسخن قلب النجوم. في هذا الخضم، ستتكون العناصر الكيماوية التي ستؤدي إلى خصوبة الكون: الكاربون، الأزوت و الأوكسجين. و هي العناصر الضرورية للحياة. بعد ذلك، ستنكدر النجوم و تختفي بطريقتين:

  1. إما الانطفاء؛
  2. و إما بالانفجار الذي سيقود إلى نشأة النجوم النيوترونية و الحفر السوداء.

الحفر السوداء

قد تكون وليدة لنمو النجوم العملاقة. حيث تظهر بداية كجثث نجمية ذات جاذبية هائلة تجذب كل شيء بما في ذلك الضوء. ثم باجتماع النجوم في قلب المجرة  و تردم و تكون حفرا سوداء عملاقة تتكون من مليارات من الكتل الشمسية التي تغذي نويات الأجرام البعيدة.

النظام الشمسي و الأرض

نشأت الشمس منذ ما ينيف على 4،55 مليار سنة في ركن من اركان مجرة درب التبانة. و هي، في نظر العلماء، مصدر الحياة في الأرض. تحيط بها تسعة كواكب: عطارد، فينوس، الأرض، مارس، المشتري، زحل، أورانوس، نبتون، (بلوتون فقد صفة الكوكب في 24 غشت 2006)

الكواكب الخارجية و العوالم الأخرى

يترافق تكون النجوم بتكون الكواكب. تبث للعلماء سنة 1955 وجود أنظمة كوكبية مختلفة عن المجموعة الشمسية تقدر  بالمليارات و تتحرك حول نحومجرة درب التبانة.  وهذا هو الذي سيسعر البحث الأممي عن حياة في هذه الكواكب الخارجية.

اصول الحياة

في الماء السائل في وسط معتدل الحرارة ستظهر الكيمياء الغنية الجزيئات العضوية التي بها ستجتمع ببطء لبنات الحياة.إذ سيتركب من الحمض الأميني الزوج اللولبي المكون من الحمض النووي و الحمض النووي الريبوزي ARN(acide nucléaire (ribonucléiqu، فالخلية الأولى منذ ما ينيف عن 3،5 مليار سنة. لكن، هل الحياة لها أصول كثيرة أم أصل واحد؟ هل العناصر المتوفرة حاليا في الأرض كافية لتشكيل المسار الذي بدأت به الحياةأم يتعلق الأمر بشعلة خارجية؟

سيناريوهات نهاية الكون

  1. الانسحاق العظيم: سيتحول التوسع الكوني إلى انكماش contraction. يتحكم في الأمر سلوك الطاقة السوداء و القيمة الحقيقية لكثافة الكون:

لنفترض أن الطاقة السوداء بدون تأثير على توسع الكون و أن كثافة المادة تساوي مرتين الكثافة المقدرة حاليا للمادة.

تبين نظرية النسبية العامة بأن توسع الكون سيستمر لمدة 50 مليار سنة بإيقاع متباطئ.

في عمر 60 مليار سنة سيبلغ الكون الحجم الأقصى، بين 2 و 3 مرات الحجم الحالي. سيبرد الإشعاع الكوني بسبب التوسع بحيث ستعادل درجته الصفر المطلق.

في نهاية هذا العهد، ستبدأ مرحلة التقلص أو الانكماش، بداية المرحلة الثانية في تاريخ الكون و التي ستدوم 60 مليار سنة هي أيضا. ستتميز بتقلص ثابت في الحجم و زيادة الكثافة و ارتفاع درجة الحرارة.

قبل مليار سنة على الانسحاق العظيم سنشهد تقارب المجموعات النجمية وستبدأ في الامتزاج. و المجرات أيضا في 100 مليون سنة قبل الانسحاق. يعبر هذا الأخير على انفجار عكسي حيث ستبلغ درجة الحرارة 3000 درجة عند اقتراب الكون من الفناء. سيحدث الانفصال الإشعاعي-الطاقي بالعكس. سيكون بمقدور الفوتونات أن تشتت الذرات. العتمة تعم الكون. فناء الذرات و الجزيئات.

ستستمر الحرارة في الارتفاع السريع. ستندثر النجوم. قوة الفوتونات الطاقية ستكون كافية لتشتيت النويات. بعدها ستتفكك البروتونات و النترونات وستعود القوى الأربعة الأساسية إلى التوحد واحدة تلو الأخرى. (بداية عهد بلانك من جديد).

النظريات الحالية غير قادرة على وصف سلوك المادة في هكذا شروط. (قد تكون الكثافة و الحرارة لا نهائيتين و ظهور حالة تفرد قصوى أو قد يبدأ انفجار جديد ينشأ عنه كون جديد).

  1. التجلد الكبير: big Freeze.  أو الموت الجليدي للكون. سيناريو متصور في الحالة التي يكون فيها التوسع مدعما بثابتة كونية. إذ ستضعف الطافة السوداء، المادة و الطاقة شيئا فشيئا. التوسع سيستمر. ستتواجد مجرتنا وحيدة في فلك فارغ نظرا لابتعاد المجرات الأخرى. ستنكدر النجوم واحدة تلو الأخرى، و في النهاية لن يبقى إلا الثقوب السوداء التي ستتبخر كجزيئات.
  2. Le big Rip أو التمزق الكبير للمادة. نتخيل، مثلا، طاقة سوداء عكسية تزداد كثافتها مع استمرار التوسع. النتيجة هي نهاية التوسع. و تمزق الكون.

عبد السلام أولباز، ورزازات، المغرب 2018

Tags:

No responses yet

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Latest Comments

No comments to show.
Review Your Cart
0
Add Coupon Code
Subtotal