في تواصل العقول تناسق الأشياء


و في اختلافها تعارفها
psychology, psychotherapy, therapy room, conversation, room, space, interior design, inner space, setup, chair, psychology, psychology, psychotherapy, psychotherapy, psychotherapy, psychotherapy, psychotherapy
A vintage open book displaying aged, yellowed pages with faded text.


مدخل

يسرد أورويل (جورج) في رواية 1984 حوارا بين أوبرين و ويلسون (من شخصيات الرواية) يناقش تصورين مختلفين للغاية من السياسة أو الحكم هل تقوم في قيادة الناس لما فيه صالح حالهم أو في السلطة، مهما كانت وضعية القوى السياسية، أكانت حاكمة أو تطالب بالحكم. و لفظ السياسة في لغة العرب من ساس الحصان أي قاده إلى حيث الماء. فالأصل في الفعل السياسي قيادة الناس و تنظيم شؤونهم وقضاء مصالحهم. غير أن تجارب البلدان في السياسة و تجارب الشعوب تبين كيف أن الحصان لا يقاد دائما نحو مكان الماء ليشرب و إنما يغدو” كالعير(الإبل) في البيداء يقتلها الظما** و الماء فوق ظهرها محمول.” إذ عوض أن تكون السياسة خيرا على المحكوم تصبح نكالا عليه ووبالا .

مفهوم السياسة

السياسة مصدر من فعل ساس و مضارعه يسوس بمعنى قاد يقود”. نقول ساس الحصان أي قاده إلى مكان الماء. 

السياسة هي مختلف الأفعال التي تنتظم من خلالها العلاقة  بين الدولة و المجتمع وتدبر بها الدولة الشأن العام عبر مؤسسات و أجهزة و تشريعات.

مفهوم الدولة

الدولة في اللغة العربية من فعل “دول” أي غلب و سيطر.

تعبر الدولة عن الجهة الغالبة و المسيطرة على المجال و الثروة

تتحدد الدولة بثلاث عناصر: السيادة و السلطة السياسية و النظام السياسي. 

قضايا مفهوم الدولة

القضية الأولى القضية الثانية القضية الثالثة
مشروعية الدولة و غاياتها طبيعة السلطة السياسية الدولة بين الحق و العنف

المحور الأول: مشروعية الدولة وغايتها

تقابلات

1 2 3
دولة الحرية دولة العقل دولة الهيمنة

تساؤل

من أين تستمد الدولة مشروعيتها؟ و لأي غاية وجدت؟ هل غاية الدولة هي الحرية أم الهيمنة؟ بأي معنى تجسد الدولة العقل؟ 

أفكار للتحليل و المناقشة

أولا، الدولة باعتبارها تعبيرا عن إرادة الهيمنة (التصور الماركسي)

  • تنشأ الدولة لحماية وصون البنية الاجتماعية والحفاظ على النظام في المرحلة التي يتعذر التصالح و التوافق بين أطراف الصراع الاقتصادي؛
  • تسخر الدولة سلطتها للتقليل من حدة الصراع؛
  • غير أن سلطة الدولة ليست سلطة محايدة لأنها تمثل الطبقة المهيمنة و المسيطرة على وسائل الانتاج الاقتصادي؛
  • توظف الطبقة المهيمنة سلطة الدولة للسيادة سياسيا و فرض علاقات إنتاج لاستغلال و اضطهاد الطبقة الكادحة؛
  • ستفقد الدولة مشروعيتها و الغاية من وجودها في المرحلة التي تزول فيها الطبقات، أي “عندما يعيد المجتمع تنظيم إنتاجه الاقتصادي على اساس التشارك الحر و المتساوي بين المنتجين” 

ثانيا، الدولة غايتها الحقيقية هي الحرية (سبينوزا)

في الفصل السادس عشر من كتاب “رسالة في اللاهوت و السياسة”1 يتساءل اسبينوزا(باروخ) عن حدود الحرية الفردية في الفكر و الرأي داخل أفضل الدول، و بعد أن يحدد أساس الدولة كغاية توحد الناس و تجعلهم يعيشون في أمن و استقرار من خلال إخضاع حريتهم و حقهم الطبيعي في السلوك و الوجود الذي تحكمه الشهوة و القوة لسلطة الدولة كضرورة عقلية يؤكد اسبينوزا بأن الغاية من الدولة- و يعني هنا الدولة الديموقراطية- هي إخضاع الناس لإملاءات العقل ما أمكن، وهنا يتحدد معنى الحرية الحقيقي، أي التصرف و فق ما يقتضيه العقل لا الطبيعة. و منه فلا تعارض عند اسبينوزا بين الخضوع لسلطة الدولة الديموقراطية و الحرية الإنسانية التي هي غايتها و مبدأها.

ثالثا، الدولة تجسيد للعقل (فردريك هيجل)

أما الفيلسوف الألماني هيجل (فريدريك) فيعتبر بأن الدولة قبل أن تتحقق كتجربة واقعية من خلال الأعراف أو القوانين فإنها تحكم، على نحو غير مباشر، وعي الفرد و نشاطه و هذا يقتضي أن الانتماء إلى الدولة ليس اختيارا بل واجبا و ضرورة، يقول هيجل في كتابه” أصول فلسفة الحق”:” إن الاتحاد الخالص و البسيط هو المضمون الحقيقي و الهدف الصحيح للفرد، و مصير الفرد هو أن يعيش حياة كلية جماعية” لأن العقل يؤكد على الوحدة التامة و الكاملة بين الكلي و الفردي، فالحرية الفردية يجب أن تتوحد مع حرية الإرادة الكلية و من تم لا بد، عند هيجل، من الدولة بحكم المنطق و العقل قبل حكم الواقع و التاريخ

الدولة يختلف دورها عن دور المجتمع المدني. الذي يهتم بالحياة الاقتصادية و الخدمات….التي هي مناط حركة الناس اليومية المشتركة.. .

بين دولة الهيمنة و دولة الحرية يقدم هيكل تصورا تركيبيا للدولة المهيمنة  التي ترتقي بالأفراد دون أن تتعارض مع الحق في الحرية. 

المحور الثاني: في طبيعة السلطة السياسية

تقابلات 

1 2 3
السياسة مجال للصراع حول السلطة السياسة مجال لرعاية المصالح السياسية تدبير عقلاني للعلاقات الاجتماعية
ميكافيللي و ماكس فيبر ابن خلدون حنا أرندت

تساؤل: (تمرين)

أفكار للتحليل والمناقشة

أولا، السلطة السياسية تدبير عقلاني للعلاقة الاجتماعية (حنا آرندت في كتاب “في العنف”)

  • تنتقد حنا آرندت اختزال السلطة السياسية في إرادة الهيمنة؛
  • السلطة السياسية تنظيم للعلاقة الاجتماعية بين أناس أحرار متساوون أمام القانون و هو ما يفرض وجود تنظيم سياسي قادر على تدبير التدافعات فيما بينهم و رعاية مصالحهم؛
  • وهذا يعني أن بناء السلطة يتخلى عن العلاقات التراتبية و علاقات الولاء و الطاعة و أن الحكم للخطاب و النص القانوني و المناظرات و غيرها؛ 
  • ليس العنف إذن هو الشرط القبلي لأي سلطة سياسية؛
  • العنف والسلطة يدفع بعضهما معا إذ كلما وجدت السلطة غاب العنف و العكس صحيح.

ثانيا، السلطة السياسية و مبدأ فصل السلط (مونتسكيو, في كتاب “روح القوانين”)

  • تتميز داخل جميع الدول ثلاث سلط هي: السلطة التشريعية و التنفيذية و القضائية. 
  • تختلف هذه السلط من حيث دورها داخل الدولة: السلطة التشريعية لتشريع و سن القوانين، و التنفيذية لتنفيذها و تأمين الشروط السياسية لممارسة الحقوق المدنية و القضائية للفصل و تنفيذ الأحكام القضائية. 
  • يصادر مونتسكيو على مبدأ الفصل بين هذه السلط و يعتبره الشرط الأكيد للحرية. الحرية عند مونتسكيو هي راحة البال الناجمة عن شعور المواطنين بالأمن.
  • يستدل مونتسكيو على العلاقة بين فصل السلط و الحرية مبينا بأن الاستبداد بجميع السلط قد يترتب عنه تشريعات جائرة تنفذ بشكل جائر بلا حسيب أو رقيب فتطغى الدولة أو الشخص المستبد. أما إذا روعي مبدأ فصل السلط و استقلالها فإن ذلك يدفع الاستبداد و يمنع التعسف و الشطط في استعمال السلطة ويحفظ بقاء الدولة؛
  • يقول مونتسكيو:”  نخسر كل شيء إذا مارس الشخص نفسه أو المجلس ذاته…السلط الثلاث”

المحور الثالث: الدولة بين الحق و العنف

مفهوم دولة الحق ((Etat de Droit, Rule of Law: هي الدولة التي تخضع فيها السلطة للقانون الذي يوجه لحماية الحقوق و الحريات وحفظ كرامة المواطنين. 

التقابل المفصلي: دولة الحق في مقابل دولة العنف

تساؤل:

 هل تقوم الدولة على الحق أم على العنف؟هل تقوم على أسس قانونية و شرعية أم على سلطة الأجهزة التأديبية و الأمنية؟

أفكار للتحليل و المناقشة

أولا، كل دولة تقوم على العنف (ماكس فيبر)

يعرض فيبر في كتابه:” العالم و السياسي” تصوره للدولة المعاصرة باعتبارها تجمعا بشريا يحتكر حق و مشروعية ممارسة العنف المادي ضمن نفوذها الترابي. و هذا يعني أن حق ممارسة العنف و إعطاء المشروعية لممارسته يندرج ضمن سلطات الدولة، بحيث أن من يمارس العنف بدون موافقتها هو خارج الشرعية. يؤسس فيبر أطروحته هذه منطلقا من حصره لمفهوم السياسة باعتبارها فعل “قيادة تجمع سياسي يسمى اليوم بالدولة” و التي يعرفها سوسيولوجيا- في التجربة المعاصرة- من خلال وسيلتها المفضلة في ممارسة السلطة” ألا و هي “العنف المادي” و بعد ذلك ينتقل ليؤكد أن العنف أساس وجود الدولة و بدونه تختفي و تسود الفوضى، و هو ما يفسر الصراع بين الدولة و من يعارضها حق احتكار العنف أو ينازعها فيه. أو ليس العنف السياسي الذي يسود العالم اليوم نتيجة لهذا الصراع حول امتلاك حق ممارسة العنف سواء داخل الدولة الواحدة أو بين الدول أو الحركات السياسية المختلفة.

ثانيا، دولة الحق دولة الشرعية والاجماع

في قراءته للدولة القائمة في المجتمعات العربية يستنتج المفكر المغربي ” عبد الله العروي” أن هذه الدولة تمثل استمرارا للدولة السلطانية التي تنفصم فيها العلاقة السياسية بين السلطان و المجتمع. و من الأوجه الدالة على استمرار الإرث السلطاني في التجربة السياسية للدولة العربية عدم وجود مجتمع سياسي توجهه إيديولوجيا موحدة، أي نسق أفكار يستمد منه سياساته في الحكم و الاقتصاد و الثقافة…. صحيح أن السلطان، ملكا أو رئيسا، يهيمن على السلطة في مستوياتها المختلفة و يسري حكمه في الرعية من غير أن يكون للرعية قرار في اختيار السلطان لكن النسق السياسي العربي في اشتغاله و في آليات ممارسته للسلطة تنعدم فيه حرية الاختيار بالنسبة للفرد، يقول العروي” ما من دولة سلطانية إلا و الفرد مستعبد فيها، بل إن الفرد داخل الدولة مستعبد بالتعريف”. و بالمقابل يرى عبد الله العروي أن الدولة الحديثة و الديموقراطية من مياسمها دمقرطة المؤسسات و وطنتيها وأنسنتها لأنها دولة حق تقوم على مبدأي الشرعية و الإجماع. 

ثالثا، الدولة العربية دولة متسلطة (عبد الله حمودي في كتابه “الشيخ و المريد”)

يؤكد عبد الله حمودي في كتابه “الشيخ و المريد” أن القرن العشرين شهد تكريس الدولة المتسلطة في العالم العربي. و هو ما تعبر عنه خمسة مظاهر رئيسية، أبرزها احتكار وتداول السلطة بين عدد قليل من الأفراد و منع المجتمع المدني من سلطة الرقابة و المحاسبة.

يتبنى عبد الله حمودي تأويلا أنطربولوجيا للتسلط في الدولة العربية. هذا التسلط انعكاس للتسلط الذي يميز النسق الثقافي للمجتمع العربي كمجتمع أبوي يتحكم فيه الأب باعتباره المركز و القانون. فعلاقة الدولة العربية بالمجتمع هي نفس العلاقة بين الشيخ و المريد في الأدبيات الصوفية، مبنية على التبعية و الولاء الأعمى. يقول عبد الله حمودي:” و باختصار فأنماط التسلط التي تحكم المجتمعات العربية تحيل على ثنائية متأصلة في العلاقة بين الرجال و النساء”.

تمرين: صغ أهم الخلاصات

Tags:

Categories

No responses yet

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Latest Comments

No comments to show.
Review Your Cart
0
Add Coupon Code
Subtotal